مذكّرات سياسيّ تركي تكشف وجها آخر لـ "جمال باشا السفّاح"

في كتابه "جبل الزيتون"، المترجم حديثا إلى العربية بتوقيع المترجمين أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير، يروي الصحافي والكاتب والسياسي التركي الشهير فالح رفقي أطاي (1894- 1970) ذكريات الحرب العالمية الأولى على الجبهة الفلسطينية - المصرية، منذ عام 1915 وحتى عام 1918، المعروفة في المخيلة العربية باسم "سفر برلك"، بالكثير من المجاز والقصص الجانبية.

وعلى الرغم من أن مؤلف الكتاب الصادرة ترجمته أخيرا عن "دار الرافدين" في بغداد، كان شاهدا على بعض المعارك الفاصلة، ومنها معركة غزة الثانية التي كسرت ظهر السلطنة، إلا أنه لم يعن كثيرا بالبحث في خلفيات تلك الحرب ومآلاتها، بل اكتفى بنقل صورة ممنتجة للقارئ التركي عام 1932، حاول من خلالها دعم الفكرة الأتاتوركية بالانكفاء على الذات، وتكريس صورة نمطية عن العرب ما زالت تفعل فعلها في الشارع التركي إلى يومنا هذا.

صراع الجنرالين

يختصر مشهد الصراع على النياشين والأوسمة أثناء معركة غزة، في أبريل/ نيسان عام 1917، واحدة من أعظم مهازل تلك الحرب، ففي أثناء المعركة التي أذنت بزوال حكم جمال باشا عن المشرق العربي، وبالتالي انهيار الإمبراطورية العثمانية، كان القائدان المتنافسان حتى الموت، جمال باشا وزير البحرية وقائد الجيش الرابع وأنور باشا وزير الحربية والقائد العام للجيش، يخوضان معركتهما الخاصة التي يروي تفاصيلها أطاي بكثير من الكوميديا السوداء: "خرج أنور وجمال باشا من خَيمَتَيهما واقتربا من بعضهما البعض. فتح أنور باشا صندوقا كان يحمله في يده، وخرج منه بريق يعكس ليل الصحراء بأكملها.وضع أنور باشا (القائد العام) نيشانا مُرصَّعا على صدر جمال باشا.كان جمال باشا قائد الجيش الرابع قد سمع أن هذا النيشان قد مُنح للقائد العام وغضب لأنه نُسِي. الآن بعد أن تلقى القائد العام الإذن من القصر عبر برقية، قام بتعليق النيشان على صدر صديقه. في جميع الخيام، استيقظت أمواج متناغمة من الفرح مثل الأوركسترا. تمّ التصالح بينهما".