
تقرير من الداخل
-
تأليفبول اوستر
- الناشردار الرافدين
- السنة2023
يكرّس أوستر كتابه للإضاءة على حنايا ذهنه كما تستعيدها الطفولة. ويمكن عدّ الكتاب تاريخاً لتطور المؤلّف النفسي، حيث "حكاية الشتاء" تاريخ لتطور جسد الكاتب. الطفولة هنا هي البطل المطلق. وبالقدر الذي توحي فيه الأحداث بأنَّ الكاتب قد عاش طفولة ثريَّة بالوقائع والاختلاط، فإنَّك تخرج بانطباع حاسم بأن الحقيقة الوحيدة هي عزلة الكائن البشري في عالم يجاهد ليبدو متماسكاً. بالأخص في فصله الأول حين يستعرض أوستر بأريحيَّة هواجس الطفل الذي يرى النجوم ألغازاً، والمقص كائناً يمشي، والتلفاز ابن عم لأبريق الشاي! أو حين يرى نفسه ذاتها محض "حبَّة بَقول بشريَّة". لا يمكن لطفل يكتب قصيدته الأولى بعمر التاسعة إلّا أن يكون منعزلاً بما يكفي وإن بدا صخب التجارب الاجتماعية المدرسيّة يدحض ذلك ظاهرياً. ظلال من حرب كوريا، وأخرى عن شعوره بالإذلال من نوبات تبول لا إرادي، وثالثة عن تبلور شخصيته قبيل البلوغ عبر هوسه بالسينما مستعرضاً فيلمي: “The Incredible Shrinking Man,و “I Am a Fugitive From a Chain Gang". الداخل الذي هو القرين لعزلتنا، الحقيقة الوحيدة المؤكدة للكائن في حياته الأرضية. الداخل الذي نهرب إليه من كل ما يخترق صفاء لحظتنا النادرة، المبددة بلا شفقة على مذبح التواصل الشبكي التكنولوجي اللا نهائي. في الفصل الأخير من الكتاب يورد أوستر رسالة إلى حبيبته/زوجته لاحقاً، ليديا ديفيس: "بالنسبة لي، مشكلة العالم هي أولاً وقبل كل شيء مشكلة ذاتية، ولا يمكن تحقيق الحل إلا من خلال البدء من الداخل".
0 مراجعات